فصل: الفصل الثالث: أن كل قذف للزوجة يجب به اللعان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإذا نكح امرأة نكاحا فاسدا‏,‏ ثم قذفها وبينهما ولد يريد نفيه فله أن يلاعن لنفيه‏,‏ ولا حد عليه وإن لم يكن بينهما ولد حد ولا لعان بينهما وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ يلحقه الولد وليس له نفيه‏,‏ ولا اللعان لأنها أجنبية فأشبهت سائر الأجنبيات أو إذا لم يكن بينهما ولد ولنا‏,‏ أن هذا ولد يلحقه بحكم عقد النكاح فكان له نفيه كما لو كان النكاح صحيحا‏,‏ ويفارق إذا لم يكن ولد فإنه لا حاجة إلى القذف لكونها أجنبية ويفارق سائر الأجنبيات لأنه لا يلحقه ولدهن‏,‏ فلا حاجة به إلى قذفهن ويفارق الزوجة فإنه يحتاج إلى قذفها مع عدم الولد لكونها خانته وغاظته وأفسدت فراشه‏,‏ فإذا كان له منها ولد فالحاجة موجودة فيهما وإذا لاعن سقط الحد لأنه لعان مشروع لنفي الحد‏,‏ فأسقط الحد كاللعان في النكاح الصحيح وهل يثبت التحريم المؤبد‏؟‏ فيه وجهان‏:‏ أحدهما يثبته لأنه لعان صحيح‏,‏ أشبه لعان الزوجة والثاني لا يثبته لأن الفرقة لم تحصل به فإنه لا نكاح بينهما يحصل قطعه به‏,‏ بخلاف لعان الزوجة فإن الفرقة حصلت به ولو لاعنها من غير ولد لم يسقط الحد‏,‏ ولم يثبت التحريم المؤبد لأنه لعان فاسد فلم تثبت أحكامه وسواء اعتقد أن النكاح صحيح أو لم يعتقد ذلك لأن النكاح في نفسه ليس بنكاح صحيح فأشبه ما لو لاعن أجنبية يظنها زوجته‏.‏

فصل‏:‏

فلو أبان زوجته‏,‏ ثم قذفها بزنا أضافه إلى حال الزوجية فهي كالمسألة‏:‏ قبلها إن كان بينهما ولد يريد نفيه فله أن ينفيه باللعان‏,‏ وإلا حد ولم يلاعن وبهذا قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ يحد‏,‏ ويلحقه الولد ولا يلاعن وهو قول عطاء ووجه المذهبين ما تقدم في التي قبلها وقال عثمان البتي‏:‏ له أن يلاعن وإن لم يكن بينهما ولد وروي عن ابن عباس‏,‏ والحسن أنه يلاعنها لأنه قذف مضاف إلى حال الزوجية أشبه ما لو كانت زوجته ولنا أنه إذا كان بينهما ولد فبه حاجة إلى القذف‏,‏ فشرع كما لو قذفها وهي زوجته وإذا لم يكن له ولد‏,‏ فلا حاجة به إليه وقد قذفها وهي أجنبية فأشبه ما لو لم يضفه إلى حال الزوجية ومتى لاعنها لنفي ولدها انتفى‏,‏ وسقط عنه الحد وفي ثبوت التحريم المؤبد وجهان وهل له أن يلاعنها قبل وضع الولد‏؟‏ فيه وجهان‏:‏ أحدهما له ذلك لأن من كان له لعانها بعد الوضع كان له لعانها قبله‏,‏ كالزوجة والثاني ليس له ذلك وهو ظاهر قول الخرقي لأن الولد عنده لا ينتفي في حال الحمل‏,‏ ولأن اللعان إنما يثبت ها هنا لأجل الولد فلم يجز أن يلاعن إلا بعد تحققه بوضعه بخلاف الزوجة‏,‏ فإنه يجوز لعانها مع عدم الولد وهكذا الحكم في نفي الحمل في النكاح الفاسد‏.‏

فصل‏:‏

إذا اشترى زوجته الأمة ثم أقر بوطئها ثم أتت بولد لستة أشهر‏,‏ كان لاحقا به ولم ينتف عنه إلا بدعوى الاستبراء لأنه ملحق به بالوطء في الملك دون النكاح لكون الملك حاضرا‏,‏ فصار كالزوج الثاني يلحق به الولد وإن أمكن أن يكون من الأول وإن لم يكن أقر بوطئها أو أقر به فأتت بولد لدون ستة أشهر منذ وطئ‏,‏ كان ملحقا بالنكاح إن أمكن ذلك وله نفيه باللعان‏,‏ وهل يثبت هذا اللعان التحريم المؤبد‏؟‏ على وجهين‏.‏

فصل‏:‏

إذا قذف مطلقته الرجعية فله لعانها سواء كان بينهما ولد أو لم يكن قال أبو طالب‏:‏ سألت أبا عبد الله‏,‏ عن الرجل يطلق تطليقة أو تطليقتين ثم يقذفها قال‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ لا يلاعن ويجلد وقال ابن عمر‏:‏ يلاعن ما دامت في العدة قال‏:‏ وقول ابن عمر أجود لأنها زوجته‏,‏ وهو يرثها وترثه فهو يلاعن وبهذا قال جابر بن زيد والنخعي‏,‏ والزهري وقتادة والشافعي‏,‏ وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور‏,‏ وأصحاب الرأي وروي ذلك عن ابن عمر لأن الرجعية زوجة فكان له لعانها كما لو لم يطلقها‏.‏

فصل‏:‏

وإن قذف زوجته ثم أبانها فله لعانها نص عليه أحمد‏,‏ سواء كان له ولد أو لم يكن وروي ذلك عن ابن عباس وبه قال الحسن والقاسم بن محمد ومكحول‏,‏ ومالك والشافعي وأبو عبيد‏,‏ وأبو ثور وابن المنذر وقال الحارث العكلي وجابر بن زيد‏,‏ وقتادة والحكم‏:‏ يجلد وقال حماد بن أبي سليمان وأصحاب الرأي‏:‏ لا حد ولا لعان لأن اللعان إنما يكون بين الزوجين‏,‏ وليس هذان بزوجين ولا يحد لأنه لم يقذف أجنبية ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون أزواجهم‏}‏ وهذا قد رمى زوجته فيدخل في عموم الآية‏,‏ وإذا لم يلاعن وجب الحد بعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة‏}‏ ولأنه قاذف لزوجته فوجب أن يكون له أن يلاعن كما لو كانا على النكاح إلى حالة اللعان‏.‏

فصل‏:‏

وإن قالت‏:‏ قذفني قبل أن يتزوجني وقال‏:‏ بل بعده أو قالت‏:‏ قذفني بعد ما بنت منه وقال‏:‏ بل قبله فالقول قوله لأن القول قوله في أصل القذف‏,‏ فكذلك في وقته وإن قالت أجنبية‏:‏ قذفني فقال‏:‏ كنت زوجتي حينئذ فأنكرت الزوجية فالقول قولها لأن الأصل عدمها‏.‏

فصل‏:‏

ولو قذف أجنبية ثم تزوجها‏,‏ فعليه الحد ولا يلاعن لأنه وجب في حال كونها أجنبية فلم يملك اللعان من أجله‏,‏ كما لو لم يتزوجها وإن قذفها بعد تزوجها بزنا أضافه إلى ما قبل النكاح حد ولم يلاعن‏,‏ سواء كان ثم ولد أو لم يكن وهو قول مالك وأبي ثور وروي ذلك عن سعيد بن المسيب والشعبي وقال الحسن وزرارة بن أبي أوفى‏,‏ وأصحاب الرأي‏:‏ له أن يلاعن لأنه قذف امرأته فيدخل في عموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون أزواجهم‏}‏ ولأنه قذف امرأته فأشبه ما لو قذفها ولم يضفه إلى ما قبل النكاح وحكى الشريف أبو جعفر عن أحمد رواية أخرى كذلك وقال الشافعي‏:‏ إن لم يكن ثم ولد‏,‏ لم يلاعن وإن كان بينهما ولد ففيه وجهان ولنا أنه قذفها قذفا مضافا إلى حال البينونة‏,‏ أشبه ما لو قذفها وهي بائن وفارق قذف الزوجة لأنه محتاج إليه لأنها غاظته وخانته‏,‏ وإن كان بينهما ولد فهو محتاج إلى نفيه وهاهنا إذا تزوجها وهو يعلم زناها‏,‏ فهو المفرط في نكاح حامل من الزنا فلا يشرع له طريق إلى نفيه‏.‏

فصل‏:‏

ولو قال لامرأته‏:‏ أنت طالق ثلاثا يا زانية فنقل مهنا قال‏:‏ سألت أحمد‏,‏ عن رجل قال لامرأته‏:‏ أنت طالق يا زانية ثلاثا فقال‏:‏ يلاعن قلت‏:‏ فإنهم يقولون‏:‏ يحد ولا يلزمها إلا واحدة قال‏:‏ بئس ما يقولون فهذا يلاعن لأنه قذفها قبل الحكم ببينونتها‏,‏ فأشبه قذف الرجعية وأما في المسألة‏:‏ الأولى فإن كان بينهما ولد فإنه يلاعن لنفيه‏,‏ وإلا حد ولم يلاعن لأنه يتعين إضافة القذف إلى حال الزوجية لاستحالة الزنا منها بعد طلاقه لها فصار كأنه قال لها بعد إبانتها‏:‏ زنيت إذ كنت زوجتي على ما قررناه‏.‏

الفصل الثالث‏:‏

أن كل قذف للزوجة يجب به اللعان سواء قال لها‏:‏ زنيت أو‏:‏ رأيتك تزنين سواء كان القاذف أعمى أو بصيرا نص عليه أحمد وبهذا قال الثوري‏,‏ والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وهو قول عطاء وقال يحيى الأنصاري‏,‏ وأبو الزناد ومالك‏:‏ لا يكون اللعان إلا بأحد أمرين‏:‏ إما رؤية وإما إنكار للحمل لأن آية اللعان نزلت في هلال بن أمية‏,‏ وكان قال‏:‏ رأيت بعيني وسمعت بأذني فلا يثبت اللعان إلا في مثله ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون أزواجهم‏}‏ الآية وهذا رام لزوجته فيدخل في عموم الآية‏,‏ ولأن اللعان معنى يتخلص به من موجب القذف فيشرع في حق كل رام لزوجته كالبينة والأخذ بعموم اللفظ أولى من خصوص السبب‏,‏ ثم لم يعملوا به في قوله‏:‏ وسمعت بأذني وسواء قذفها بزنا في القبل أو في الدبر وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يثبت اللعان بالقذف بالوطء في الدبر وبناه على أصله في أن ذلك لا يجب به الحد ولنا‏,‏ أنه رام لزوجته بوطء في فرجها فأشبه ما لو قذفها بالوطء في قبلها وأما إن قذفها بالوطء دون الفرج أو بشيء من الفواحش غير الزنا‏,‏ فلا حد عليه ولا لعان لأنه قذفها بما لا يجب به الحد فلم يثبت به الحد واللعان كما لو قذفها بضرب الناس وأذاهم‏.‏

الفصل الرابع‏:‏

أنه إذا قذف زوجته المحصنة‏,‏ وجب عليه الحد وحكم بفسقه ورد شهادته‏,‏ إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن فإن لم يأت بأربعة شهداء أو امتنع من اللعان‏,‏ لزمه ذلك كله وبهذا قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ يجب اللعان دون الحد فإن أبى حبس حتى يلاعن لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات‏}‏ الآيات فلم يوجب بقذف الأزواج إلا اللعان ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون‏}‏ وهذا عام في الزوج وغيره‏,‏ وإنما خص الزوج بأن أقام لعانه مقام الشهادة في نفي الحد والفسق ورد الشهادة عنه وأيضا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏البينة وإلا حد في ظهرك‏)‏ وقوله لما لاعن‏:‏ ‏"‏ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ‏"‏ ولأنه قاذف يلزمه الحد لو أكذب نفسه فلزمه إذا لم يأت بالبينة المشروعة‏,‏ كالأجنبي فأما إن قذف غيرها كالكتابية والأمة والمجنونة والطفلة‏,‏ فإنه يجب عليه التعزير بذلك لأنه أدخل عليهن المعرة بالقذف ولا يحد لهن حدا كاملا لنقصانهن بذلك ولا يتعلق به فسق‏,‏ ولا رد شهادة لأنه لا يوجب الحد قال القاضي‏:‏ وليس له إسقاط هذا التعزير باللعان لأن اللعان إما لنفي النسب أو لدرء الحد وليس ها هنا واحد منهما وقال الشافعي‏:‏ له إسقاطه باللعان لأنه إذا ملك إسقاط الحد الكامل باللعان‏,‏ فإسقاط ما دونه أولى وللقاضي أن يقول‏:‏ لا يلزم من مشروعيته لدفع الحد الذي يعظم ضرره مشروعيته لدفع ما يقل ضرره كما لو قذف طفلة لا يتصور وطؤها‏,‏ فإنه يعزر تعزير السب والأذى وليس له إسقاطه باللعان كذا ها هنا وأما إن كان لأحد هؤلاء ولا يريد نفيه‏,‏ فقال القاضي‏:‏ له أن يلاعن لنفيه وهذا قول الشافعي وهو ظاهر كلام أحمد في الأمة والكتابية‏,‏ سواء كان لهما ولد أو لم يكن وقد ذكرنا ذلك فيما مضى‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ولا يعرض له حتى تطالبه زوجته‏]‏

يعني لا يتعرض له بإقامة الحد عليه ولا طلب اللعان منه‏,‏ حتى تطالبه زوجته بذلك فإن ذلك حق لها فلا يقام من غير طلبها كسائر حقوقها وليس لوليها المطالبة عنها إن كانت مجنونة أو محجورا عليها‏,‏ ولا لولي الصغيرة وسيد الأمة المطالبة بالتعزير من أجلهما لأن هذا حق ثبت للتشفي فلا يقوم الغير فيه مقام المستحق كالقصاص فإن أراد الزوج اللعان من غير مطالبة‏,‏ نظرنا فإن لم يكن هناك نسب يريد نفيه لم يكن له أن يلاعن وكذلك كل موضع سقط فيه الحد‏,‏ مثل إن أقام البينة بزناها أو أبرأته من قذفها أو حد لها ثم أراد لعانها‏,‏ ولا نسب هناك ينفى فإنه لا يشرع اللعان وهذا قول أكثر أهل العلم ولا نعلم فيه مخالفا‏,‏ إلا بعض أصحاب الشافعي قالوا‏:‏ له الملاعنة لإزالة الفراش والصحيح عندهم مثل قول الجماعة لأن إزالة الفراش تمكنه بالطلاق والتحريم المؤبد ليس بمقصود يشرع اللعان من أجله وإنما حصل ذلك ضمنا فأما إن كان هناك ولد يريد نفيه‏,‏ فقال القاضي‏:‏ له أن يلاعن لنفيه وهذا مذهب الشافعي لأن هلال بن أمية لما قذف امرأته وأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره أرسل إليها‏,‏ فلاعن بينهما ولم تكن طالبته ولأنه محتاج إلى نفيه فشرع له طريق إليه‏,‏ كما لو طالبته ولأن نفي النسب الباطل حق له فلا يسقط برضاها به‏,‏ كما لو طالبت باللعان ورضيت بالولد ويحتمل أن لا يشرع اللعان ها هنا كما لو قذفها فصدقته وهو قول أصحاب الرأي لأنه أحد موجبي القذف فلا يشرع مع عدم المطالبة‏,‏ كالحد‏.‏

فصل‏:‏

وإذا قذفها ثم مات قبل لعانهما أو قبل إتمام لعانه سقط اللعان‏,‏ ولحقه الولد وورثته في قول الجميع لأن اللعان لم يوجد‏,‏ فلم يثبت حكمه وإن مات بعد أن أكمل لعانه وقبل لعانها فكذلك وقال الشافعي‏:‏ تبين بلعانه‏,‏ ويسقط التوارث وينتفي الولد ويلزمها الحد‏,‏ إلا أن تلتعن ولنا أنه مات قبل إكمال اللعان أشبه ما لو مات قبل إكمال التعانه وذلك لأن الشرع إنما رتب هذه الأحكام على اللعان التام‏,‏ والحكم لا يثبت قبل كمال سببه وإن ماتت المرأة قبل اللعان فقد ماتت على الزوجية ويرثها في قول عامة أهل العلم وروي عن ابن عباس‏:‏ إن التعن‏,‏ لم يرث ونحو ذلك عن الشعبي وعكرمة لأن اللعان يوجب فرقة تبين بها فيمنع التوارث‏,‏ كما لو التعن في حياتها ولنا أنها ماتت على الزوجية فورثها‏,‏ كما لو لم يلتعن ولأن اللعان سبب الفرقة فلم يثبت حكم بعد موتها كالطلاق وفارق اللعان في الحياة‏,‏ فإنه يقطع الزوجية على أننا قد ذكرنا أنه لو لاعنها ولم تلتعن هي لم تنقطع الزوجية أيضا‏,‏ فهاهنا أولى فإن قيل‏:‏ أليس قد قلتم‏:‏ لو التعن من الولد الميت ونفاه لم يرثه فكذلك الزوجة‏؟‏ قلنا‏:‏ لو التعن الزوج وحده دونها لم ينتف الولد ولم يثبت حكم اللعان‏,‏ على ما ذكرنا ثم الفرق بينهما أنه إذا نفى الولد تبينا أنه لم يكن منه أصلا في حال من الأحوال‏,‏ والزوجة قد كانت امرأته فيما قبل اللعان وإنما يزيل نكاحها اللعان كما يزيله الطلاق فإذا ماتت قبله‏,‏ فقد ماتت قبل وجود ما يزيله فيكون موجودا حال الموت فيوجب التوارث‏,‏ وينقطع بالموت فلا يمكن انقطاعه مرة أخرى وإن أراد الزوج اللعان ولم تكن طالبت بالحد في حياتها‏,‏ لم يكن له أن يلتعن سواء كان ثم ولد يريد نفيه أو لم يكن وقال الشافعي‏:‏ إن كان ثم ولد يريد نفيه فله أن يلتعن وهذا ينبني على أصل‏,‏ وهو أن اللعان إنما يكون بين الزوجين فإن لعان الرجل وحده لا يثبت به حكم وعندهم بخلاف ذلك فأما إن كانت طالبت بالحد في حياتها‏,‏ فإن أولياءها يقومون في الطلب به مقامها فإن طولب به فله إسقاطه باللعان ذكره القاضي‏,‏ وإلا فلا لأنه لا حاجة إليه مع عدم الطلب فإنه لا حد عليه وقال أصحاب الشافعي‏:‏ إن كان للمرأة وارث غير الزوج فله اللعان‏,‏ ليسقط الحد عن نفسه وإلا فلا لعدم الحاجة إليه‏.‏